الاثنين، 3 يونيو 2013

طفل الرماد


مجموعة "طفل الرماد"  (ديوان الطفل الرمادي)

باسم الجنين

باسم الجنين الذي غرق
غرق في بحور الأرق
باسم الجنين الذي احترق
احترق بليله فانزلق
باسم الجنين الذي اخترق
اخترق الرحم والنفق
اقرأ الصمت في سواد المغارات
اقرأ خطوات الغريب
اقرأ الإشارات
يا أيها الصبي هل أتاك حديث المدى
 للطريق ظل و ظلك في الصدى
تبكي وقتك
تحارب موتك
تلعن صمتك
اقرأ ..
 بصوت الدخان الذي سرق
 سرق الحروف من الورق

***   ***   ***

النجم الأحمر

حروف المتسولين في شوارع الوطن المجروح تسكن ربيع العرائس الحالمة
هناك..
تحت شجرة التوت القدسية
اغتال الغرباء صمت الجنين والسؤال
تعود الرياح الرمادية بعطر الصدى إلى رياض العشق وحروف المساء
تغازل ألوان الجنين في زمن الجفاء
هي ذي الليالي تخفي النجوم في أرحامها
هي ذي الأيام تغرق القمر في بحر الدماء
خذني إليك أيها النجم الأحمر
خذني إلى رماد العشق
إلى كل الأوطان
من يكون هذا المتسول في أرضكم
من يكون هذا الساكن ظله
هذا الساكن فوهة بركان
سيدي..
إن عشقت الصمت فلأني جنين متمرد
أغلق الرحم في وجه النور ولا أهجر المكان
إن عشقت الصمت فلأني غريب الطريق والديار
تهابني الشوارع والأزقة
تنحني لي الأشباح بجلال
بعد قليل ستفتح السماء أبوابها الموصدة
إنهم ينتظرون سلالم الجنة في قمم الجبال
يفرشون الأرض تحت أقدام الأمهات ورودا
يخفون السيوف
يغنون للأطفال
أيها الطارق أبواب الموتى في أزمنة العشق المنتحرة
لا أريد أرقاما من أزمنة الهجر والعذاب
لا أريد صمتا من أفواه الثائرين خلف حائط الموت
خلف ذكريات العشق والسراب
لا أريد أرضا هشة يقبلها القمر فتهوي بالعباد
أريد نجما يفتح لي أبواب الجنة الأبدية
حيث ترقد الفراشات وطيور النورس المهاجرة
أريد ملاكا يفتح لي قبر الغريب فيمتزج النور بالرماد
أريد شمسا بنفسجية
ألبسها ثوب الزفاف الراقص
أهديها نجمي الأحمر فترقص الملائكة
ونفرح بالأعياد
حائر أنا بين عشقي للنور وليالي النجم الجريح
تائه أنا في دروب الصدى
أصارع الألوان الليلية
أستسلم لرؤى الغريب
لمسار الريح
ارسم أيامك كما تشاء يا قلبي الحزين
بعثر ألوانك الليلية في الجسد العاري
مزق شرايينك بسيوف الهوى الزائف
فهذا زمن العشق والجفاء
لست نبيا كي تشق بحار الأرض
تحارب العدو بالأحرف والنداء
لست ملاكا كي تحمل العرائس فوق أجنحة من حرير
تدخلها جنات الخلد
تبني لها قصورا في السماء
ما أنت إلا شبح في أرض الصدى
تحكي للنجم أسرار الطفل
والأم
والغرباء
ما أنت إلا صوت من أرحام الأجنة
تسكن كهوف الموت ليلا
تحرق الجسم بحروفك
تضمد الجراح بالدعاء
جاءني الظل من حدائق العشق الذابلة
من شجرة التوت وأقدام الأمهات
كان يناجي القمر ليلا
وعند الفجر يستحم بحبر الدواة
أميرة الروم في القصور العالية
أيا كان عشقي فلن يأتيك بأجنحة الملائكة
لن يبكي هجرك كما بكى الجنين الرحم
لن يرسم همسك حلما
لن يدعو لك في الصلاة
أيا كان عشقي فلن يسمو بعطرك إلى موطن الجدار
ولا اللون
لن يسمو به إلى موطن الكلمات
تلك الأبراج أضحت بركانا في أرض الهوى
تعانق الدخان بشفاه ملتهبة
تحكي للأيام أحزان الولادة والممات
عاشق أنا للنجم الأحمر
ألبسه تاج الملك
أفتح له أبواب الجنات
سيدتي في أرض الغرباء
والظل
والسؤال
ارمي بخطاك المنهزمة في أرض الصدى
اسألي الأشجار عن كل الرجال
كان جنينا متمردا
يخرجونه من الرحم
فيمسك بالحبال

***   ***   ***

أحرف الصلاة

على بساط الريح الأبيض بعثر الطفل الرمادي أحرفه الحزينة
أحرف الصلاة
لم تمطر السماء بعطر الملائكة
لم يأت الغرباء بمفاتيح السماء
بمفاتيح الجنات
في الديار المسكونة بصرخة الولادة تبكي النساء أيام الصقيع والهوى
تحارب أشباحا من رحم الجنين وتختفي
هي التي لم تدرك أن الغرباء يسقطون الأسماء من سمائها
وأن أجنة الرحمان تصارع أرحام الأمهات الثائرة
تعشق سر الوجود وتنحني له في خشوع
هي التي لم تدرك أن ليالي الشتاء خلف سيد بعثرت الريح صمته
كانت جنونا في أرض التيه والسؤال
قالوا لها  
ادخلي الجنة عارية فلن تأتي الخطيئة من أرحام الأمهات
اسكني الحائط المنتصب في أرض الشجر
في ظل المغارات
هي ذي السماء تسكب دموعها في مقلة العرائس بحارا
تحرق شموسها لحظة الغضب الموسمي
وتمزق المدى و السؤال
هي ذي السماء ترحل عن ديار النجم الأحمر والصدى
لم يستيقظ الجنين من سباته
إلا يوم أن أعلنوا الحرب على الضياء
يوم أضاعوا مفاتيحه في غمرة الحرب والرجاء
يوم أغلقوا أبواب الرحم في وجه الريح
واليوم عاد طفلنا إلى دفئ الرحم الدامي
ضمد الجراح بأحرفه النارية وصلى للقمر
كل بني آدم خطاء
وخير الخطاءين الصادقون
من عشق النجوم في أحلامه
فليرسم رؤاه بعطر الظلام
من عشق منكم ظله أيام الحرب
 فليقبل الأرض في خشوع
فهذا المساء يحكي للأمهات أساطير الحرب اللعينة
أساطير الولادة والممات
هذا المساء يلتف الجنين حول أمعائه
ينادي أمه خلف الدموع
خلف الآهات
هذا المساء ذكرى لشجرة التوت القدسية
لخطوات الغريب
للأسماء
للصفات
هذا المساء صوت وموت
دمع من أجفان الأجنة والأمهات
على بساط الريح الأبيض بعثر الطفل الرمادي أحرفه الحزينة
أحرف الصلاة
لم تمطر السماء بعطر الملائكة
لم يأت الغرباء بمفاتيح السماء
بمفاتيح الجنات

***   ***   ***

أوراق منسية

يضعون حقائق العالم بين أيادي الأجنة والأطفال
يصرخون كموج البحر
يهمسون لليل الشارد في سواده
وحين تهجر الطيور نجومها الزرقاء
يصنعون من عطر الصدى قربانا للرماد القدسي
لم يعد غريبا على ظلنا أن تعشق الشمس عطر الجنين والنجم المطيع
لم يعد غريبا على حينا أن تهجر طيور الجنة أعشاشها
في عيد ميلاد الربيع
نعم..
يضعون حقائق العالم تحت وسادة طفل أرهقته أشباح الليالي
هي الأرض..
إن عشقت يوما رياحها الزرقاء
نام الشوق في حضن القصيدة
من أجل عيونك يا حمام أفتح سمائي محطة لقوافل الروم المزيفة
أرسم الظل أنوارا لحوريات البحر وطيور النورس
لم اعد أدري أي طريق يؤدي إلى رياح الصدى
ولا أي محطة تفتح لي أبواب الجنة الثائرة
أدخلتني النسوة جناتهن فقلت هذه الجنة
فأين خطاياي
أين القدر
أدخلتني الألوان أنوارها فقلت هذه الأنوار
فأين الشموس
أين القمر
أدخلتني الحروف أنغامها فقلت هذه الأنغام
فأين الكمان
أين الوتر
أذكر كيف هجرت سماء العرائس في ليلة الزفاف الصاخبة
كيف انتظروا رحيلي
كيف كست البسمة وجوههم الشاحبة
سيد الوصل لن يحكي لليل أسرار الأجنة
لن يسكن أودية الغضب في ليالي السهر
قد يأتي العيد بعيدين
أو تفتح الأرحام أبوابها لرياح النجم الأحمر
يسير هائما في خطاه كرياح الخريف التائهة
تسقط منه الكلمات
تحاصره الألوان من كل درب
يسرقون منه أوراقه المنسية وظل الشجر
يسير هائما في خطاه كأشباح الليالي
يرفرف بأجنحة العشق السحرية
وعند الغروب يرتمي في حضن القمر

***   ***   ***

شاطئ الموت

لحظة الغضب تسكن كهوف الغرباء
لم يعد للأجنة أجنحة من عطر الملائكة
وبين الصمت والصوت تولد القصيدة
أيها القمر المسكون بأرحام الأمهات
لمن هذا النور في ليالي التيه والسؤال
لمن هذا العطر
لمن هذه الظلال
أيها القمر المرسوم بلون العشق والرجاء
ليتني ما رسمت قبرك نورا
ليتني ما سحبت القلب من بحر الدماء
سيد الرماد
والحبر
والحكايات
إن قبلت الأرض خطواتك يوما
فلأن أقدامك صخر
لا تبالي بالألم
ولا بالمسافات
لأن ليلك عرس
تمزقه الأحزان فيضمد جراحه بالآهات
يا ألله..
أيكون الغد في أعين الأجنة موتا للقمر
أم تراه بصمة العمر
والدهر
والقدر
أيكون الشاطئ شاطئ موت
أم خلف الشطآن تمتد البحار
ويرقص المطر
إن كنت أنا من رسم الأرض ظلالا
فالظل يختفي عند احتضار الشجر
إن كنت أنا من بعثر الرماد أنوارا
فالنور ينجلي عند انكسار القدر
لحظة الغضب تسكن كهوف الغرباء
لم يعد للأجنة أجنحة من عطر الملائكة
وبين الصمت والصوت تولد القصيدة

***   ***   ***

رحلة النسيان

عدت من أرض هي الأرض
راحل أنا
وبين دروب الحي ينتحر السؤال
لك الوديان شاهدا
أجئتني زائرا أم تراك تنسج الذكريات قميصا
بين غرب وشرق وجدتها
لن يتيه الجدار والشجر
جئتك من بلاد الصدى سائلا
أمن رحم الأنوار
أم من ظلال القمر
جئتك غريبا كغربتي
وعاد بحروف ليست إلا
حروفا من حبر ومطر
اسأل الأهرام عن زمن ولى
وحكايات من بلاد الشام غريبة
اسأل الأشجار عن رحلة الألوان
يحدثني عن قوة الرجال ومعجزات
عن سيوف  وعن أبطال
أتراه فر هاربا من خوف
من حكايات
من أسرار
لن يخون الصدى صوته
لن تخون الحروف حروفا
كتبت بالمداد وبالأنوار
لك الأرض مسكنا وطريقا
لك الأضواء في غمرة الحروب والأحزان
جئتك غريبا كغربتي
جئتك صوتا من بلاد ليست إلا
أرضا
لرحلة النسيان

***   ***   ***

سلطان الشجر

العشيرة تبسط للغريب ديارها
تهديه زغردات النسوة الملثمة
والخطى تعانق الطريق
ما الذي أتى به إلى ضفاف الأنهر الرمادية
ما الذي حرك أقدامه في دروب العشق
في كهوف الجنين والنجم الغريق
أعرف أن سيد الأنهار ظل لأطفال العالم الحيارى
وأن موته المتوج بالولادة يتربصه القدر
أعرف أنه سيف للوديان الثائرة                                                   
عاشق للورد
سلطان على الشجر
لم يكن يوما ملكا على الروم في القصور العالية
ولا حاكما للشام
للأرض العارية
كان فقط جنديا في أرض التيه والسؤال
يعانق الفجر بصلاته
يرسم الصبح موسما للترحال
من قلب الظلام تشرق شموس الفردوس والشجر
يهجر الجنين الرحم الأسطوري
ويرمي بأمعائه في الحفر
أتت به الرياح إلى أرض الأنوار
فهلل العشق للصدى
لسيد الوديان الثائرة
لرحلة المدى
فلا الأرض تهجر أشجارها
ولا العطر يصارع الندى
قل لي أيها الجنين الثائر
كم مرة صرخت في وجه الظلام
كم مرة صارعك الرحم
كم مرة اعتدى
قاهر الأودية
قاهر الأنهر
إن عصيت يوما حروفي
فلأني عاشق للنجم الأحمر
إن عصيت يوما أرضك الطاهرة
فلأن الطريق ظل في سمائي
تنير المصابيح
فلا أرى ضوء غير ضوء القمر
من حدائقي المزهرة أهديك وردة الحب
رسمت الشرايين بألوان الثورة
وسكبت فيها نبيذ العرق
رسمت ظلك غصنا في سماء الطفل الرمادي
في حقول البنفسج
في كل الطرق
من وجنة النجم الأحمر أهديك سلاما
من عطر الليالي
من رحلة الأرق

***   ***   ***  

صلاة الأجنة
الطفل الرمادي يدفن حروفه القدسية 
يرسم الفجر عطرا للخلاص
لظلاله المنسية
صلاة الأجنة صوت لانسياب الحبر
بعث لأرض النخيل وهمس المطر
صلاة الأجنة أسطورة لسيد القوم
للصدى الساكن خلف ظله
للنجم الأحمر
بيننا أنهر تسبح في شلالات من نبيذ
تكسر المرايا خلف عرائس النخيل
وترسم الدمع في مقلة الريح ألوانا
صلاة الأجنة تهوي بحروفها في أودية الصدى
تلبس البياض حدادا
تعانق خيوط العنكبوت
وترسم النصر موتا لفارس اللهو
حين أدركه الصباح في حدائق من نخيل
كسر البياض برؤى الغريب
باحتراق الصمت وانبعاث الشجر
الطفل الرمادي يدفن حروفه القدسية
يرسم الفجر عطرا للخلاص
لظلاله المنسية

***   ***   ***

الشجرة

هي شجرة ليست ككل الأشجار
فهي لا تعشق من الليل إلا صداه
ومن القمر إلا علاه
غريبة الأطوار
عالية الأسوار
مسدولة الستار
في ديارها .. تجد نفسك غريبا عن الأرض والمسار
الطريق بريق والخطوات حريق
لن تملك من الصوت غير الصدى
والسماء قد تنساك زمنا 
تنادي الرب نداء الغريق
في الصمت تسكب حروفك
تشعل النيران في أحشائك
ومن الدخان تأخذ أنس الصديق
الكأس تلو الكأس
  والجوف بئر وبحر عميق
نعم أصدقائي..
هي شجرة ليست ككل الأشجار
فهي لا تعشق من الليل إلا صداه
ومن القمر إلا علاه
غريبة الأطوار
عالية الأسوار
مسدولة الستار

***   ***   ***

رحم الصمت

موعد العيد والميعاد
في ربيع الأرقام والحروف الزائرة
أشرق يوم من زمن الصدى
أمس من أسطورة النار والرماد
موعد العيد والميعاد
دقت طبول الفتح لموسم الصيف الحزين
ونساء العالم يرقصن زمنا
لهجرة الطيور
لموت شهريار واحتضار السنين
أيها الزمن الآتي من أرحام الأمهات
هذا وطن لخيام النازحين
هي ذي السماء موعد وانكسار
قم أيها الجنين من رحم الصمت
قم أيها الجنين
من رحم الجدار

***   ***   ***

حروف من رماد

أعرف أن للبحر رياحا تسكن صمتها الملتهب بهدوء الليل
وأن السماء تهوي بنجومها حين يعانق الصمت نسيم الريح
أعرف أن الأرض تسكن أزمنة لا تتقن فن الحساب
تلاحق ذيلها
وترسم النجوم  قبلا في السماء
أعرف أني أسكن خطوات الغريب وحروفا من رماد
تحطم الجسد أشلاء يوم سرقت القمر من أرضه
زغردت نساء العالم لموتي
وبكت طيور النورس
أعرف أن الظل كسر أضلعي
هجرت الديار و حروفا أسكنها
فرسمت ليل الجنين أنوارا
ورسمت دمعه أنهارا
ورسمت صمتي بحارا

***   ***   ***

الخريف الدموي

الخريف الدموي يعلن حربه على الصدى
يعود الصبي ثانية إلى ديار النجم الأحمر
وفي الطرق المهجورة يرسم أساطيره حكاية للغرباء
حين اقترب الجنين من الجسد الممزق بالريح
حرك يديه الصغيرتين
كان يفكر كيف يضمد جراح الليل
كيف يضمد جراح القمر الجريح
كان جنديا يرمي بسلاحه في منتصف الطريق
يحارب العدو بأظافره
والكف سابحة في الدم الزائف
بحث عن الجرح الأسطوري
فلا هو ظاهر 
ولا هو مختفي

***   ***   ***

أسئلة رمادية

ماذا يحدث لو عانق النجم الأحمر دخان الكنائس في ليالي الخريف
لو ألبسنا الشمس ثوب الزفاف الرمادي
ومشينا حفاة عراة فوق أرصفة من ظلال؟
ماذا يحدث لو كسرنا موج البحر بنسيم العرائس و عطر الورود
لو رحلت جبال الأرض عن عيون الأجنة
عن سيدة غسلت جفونها بحروف من رماد؟
ماذا يحدث لو تمرد الجنين على الرحم
أو هجرت طيور الجنة حدائقها المزهرة
لو عاش الحلم في كفن الرماد القدسي؟
ماذا يحدث لو أحرقنا دفاترنا في صمت
وبعثرنا حروف الشعراء بين السنة الشمس؟
ماذا يحدث لو نهض الغريب من قبره
المسكون بخطوات الريح
لو رسمنا الطريق أشواكا للكواكب
للصدى المحترق بزغاريد النساء و حلم الصبا؟
أكيد أن السماء ستسبح في رياحها الثائرة
تجمع نجومها المبعثرة
تلاحق الأزمنة الملوثة
وتعصف بشمسها في رحم البحر
أكيد أن السماء ستحرق ألوانها الليلية                                             
أكيد أن السماء ستبكي أجنتها المنسية

***   ***   ***

أودية الصدى

ولأني أقسمت ألا أسكن بيوتا غير التي بنيتها
سكنت ظلي ورميت بالجسد العاري في لهيب الحبر
حملت أحرف الغريب إلى أودية الصدى
رسمت النجم الأحمر دخانا
لسيدة بعثرت الجبال بخطوها
اليوم أسلك طرق التيه الملتوية
حيث المحطات تختفي في رحم السماء
أرقب خطواتي التائهة وأمسيات النجم البعيد
كأن الأرض تعبت من حمولتها
توقفت عن دورانها ساعة
ثم دفنت براكينها الخامدة في صمت
كأن الحلم الوردي سكن مقابر الصمت
وصلى للقمر
لتأخذ السماء أرضها إذن
وليبق القمر وحيدا
تغازله أشباح الليالي
تغازله ظلال الشجر

***   ***   ***

عودة

مرة أخرى أعود
وبين دروب الحي تسقط الصور
في عيد ميلاد المسيح
كانت شجرة التوت تحكم كل الشجر
مرة أخرى أعود
كعقارب الزمن
لن أكون غريبا
في وطن هو الوطن
سيدتي ..
كيف يأتي الغرباء
كيف يسكن الجنين ظل الشجر
لك الجبال و سهول الأرض
لك الصحراء
وعقاقير من بلاد الروم محتارة
إن تكشفي سرك
فلأني في ظلمة الليل أكشف سر القمر
سيدتي.. أهديك ورقا
وحروفا من ظلال
أهديك سر الغريب
أهديك سر الأطفال

***   ***   ***


ولادة ثانية

1_ تمرد  
تمرد الطفل على ظله يوم هجر البلاد
أحرق حروفه بنيران الثورة
بعثر رماده بين ضلوعه
وعاد يجمع أشلاءه
ودخانه
والرماد
2_ الحكاية
تلك الحكاية انتهت
بين النار والرماد
لتبدأ البداية
من نهاية النهاية
شهرزاد في ثوب العرس
وشهريار يرفض الوصاية
تلك الحكاية انتهت
بين النار والرماد
لتبدأ البداية
من نهاية النهاية
خطونا في دروب الحظ خطوة
عشقنا الليل في صمت القمر
قصة الغرباء انتهت
حين عشق الفجر ألوان الجنين
ماذا تبقى من عطر الصدى
ماذا تبقى من وشم الجبين
تلك الحكاية انتهت
بين النار والرماد
لتبدأ البداية
من نهاية النهاية
شهرزاد في ثوب العرس
وشهريار يرفض الوصاية
3_ عالم جديد
ابتلع البحر ماءه
وسقط القمر
لحظة ميلاد لعالم جديد
بصمات دماء
وقبلة من جمر
فوق جبين الشهداء
ابتلع البحر ماءه
وسقط القمر
من تراب خلقنا
ومنه الدم اندثر
4_ رماد الظل  
وكان الصمت عنيدا
يتسلل بين دفتي كتاب وومضة برق
وهذا الصباح يشكوك أرق المساء
يبعثر أوراقه و يحكي قصة الغريب
نهديك قربانا
نهديك نساء الروم وزغاريد  من دمشق
نهديك أهرام  مصر و دلتا النيل
أحرقنا أجسامنا بين نارين
بعثرنا رماد الظل
ولعبنا كطفلين
5_ قصص الغرباء
صرخة الصدى والرماد
بين لهيب الحبر تدفق الكلام
وهذا المساء يحكي قصص الغرباء
ذكره بحكايات الجدار والأطلال
ذكره بشجرة
باسم
بكل الرجال
ذكره بصرخة الولادة
وزغاريد النساء
حين كان فارسا يهزم  الأشباح والظلال
حبة القمح بين الصحراء والجبال
وطفل غضبت عليه العشيرة فحاصره السؤال
كان بالأمس سلطانا
كان حرا في ديار الهوى
كان عبدا في ديار الدال
سيدي..
كيف تتيه الجبال بين الرمال
كيف يعشق الجنين سحر الضياء
كيف يعشق الجنين سحر الجمال
6_ عشق الرماد
في عشق الرماد وكثافة الدخان
كان هناك طفل يخاطب ظله
يجلس فوق فوهة بركان
كان هناك جنين متمرد
يصرخ في قلب الليل
ثم ينزوي في الأركان
كان جنينا شقيا
في سواد الرحم يرسم كل الظلال
يسافر في نفق الحروب الرمادية
يختفي فجأة كالريح
فلا يترك غير السؤال
7_ ليلة عاشوراء    
طفلا كان يعشق اللهيب
في ليلة عاشوراء  كسر الدمى
عشق الرماد مبعثرا
والكبريت  والليل الرهيب
ماذا تبقى من ديارهم
جمجمة شيخ خانته الأقدام
وذكريات عشق وأحلام
ماذا تبقى من رماده القدسي
ونسور الغاب في كل مكان
ماذا تبقى من بيته العتيق سوى جمرة
أخمدتها دموع شجرة في ليالي الربيع
طفلا كان يعشق اللهيب
في ليلة عاشوراء كسر الدمى
عشق الرماد مبعثرا
والكبريت و الليل الرهيب
8_ شهادة الميلاد
وعاد الربيع
 في زمن الهجر
يحلم باللقاء
وطيور الجنة
يبحث عن الفردوس
في أرض الرماد
وحقول لم تزهر
لبست ثوب الحداد
وعاد الربيع
 يبحث عن الوطن
عن شهادة الميلاد
9_ العاصفة
كلمني عن الصخر الجامد
والريح العاتية
كلمني عن أمواج عجزت
عن تحطيم القافية
كلمني عن العاصفة
وبحار صمد
وأسماك ضارية
كلمني عن صحراء ظمئت
وعيون من خشية الله باكية
توضأت بالنبيذ والهوى
وصلت خلف الغانية
10_ حبر ودخان
كان دائما يحمل سلاحه المسالم
بندقية من قصب
ومدافع من حبر ودخان
كان دائما يحمل سلاحه المسالم
وينزوي به في الأركان
11_ ظل
قلمي ما عاد يكتب
ولوحتي تعرت إلا من البياض
وذاكرتي محت فرح السنين
ظلي ما عاد يشبهني
والمرآة ترفض وجهي
في الحديقة أسماك وحيتان
وبقايا من أوراق النرجس والريحان
لكن ظلي ما عاد يشبهني
12_ ماذا تبقى
كسرت حروفي فماذا تبقى
هذا جسدي..
في الصحراء القاحلة
ترفضه النسور
فماذا تبقى
13_ رحيل
مرة أخرى أريد أن أرحل
وأعشق حروف الأبجدية كلها
وأوطانا بعدد النجوم
أتركك وحيدا وأرحل
في صمت الليل الرهيب
خلف أشباح الزمن الميت
أقطع مسافات التاريخ
وبحارا لم تكتشف
نعم..
مرة أخرى
أريد أن أرحل
14_ الجبل الأزرق
قال  لي يوما  
ليت السماء تمطر نبيذا
قلت له
تسكر الأرض قبلك
فترمي بك في فوهة البركان الرمادي
أو في تيه العذارى
قال لي
وكيف الوصول إلى قمة الجبل الأزرق؟
قلت له
اسكن السفح قليلا
قد تعشق الجبال ظلها
تقبل ترابك المبعثر
والشجر
والجدار

***   ***   ***

السماء تمطر عطرا

سجلي أيتها النجوم آهات الأشباح
واحتضار الشجر
سجلي همس الصبايا ورجاء المطر
كل شيء أعلن موته في عيد ميلاد الربيع
الأطفال حائرون
والسماء ما زالت تمطر عطرا  وظلالا
سجلي أيتها النجوم صلاة الأجنة والرجاء
لم يكن الجنين عاشقا للنور
لم يكن الجنين راغبا بالضياء
مشينا في اتجاه الريح فضللنا الطريق
كنا نرسم الجبال سهولا
والبحار وديانا
نثور كالأشقياء على ظلنا
نحرق الشمس
ونسقط القمر
كنا نحاور ظلالا لا تتقن فن الكلام
كنا نحارب أشباحا في كبد الأرحام

***   ***   ***

طيور الجنة

رأيت طيور الجنة تحمل خنجرا من ورود
يداعب همس الصدى وجهها
ويرسم عيون النسوة في كفها مطرا
رأيت طيور الجنة ترقب نوم البحر خفية
تناديه شهريار الزمن الرديء
وتصلي لفارس اللهو خلف قصور الروم وحدائق بابل الثائرة
حين قرأت خيوط العنكبوت في مقلتيك
نسجت قميصا من النور المنبعث  من خطوات الريح
والبساط الأخضر
يومها أحضرنا شموسنا من بلاد الرماد
أحرقنا شموع الوله في حضن الجنين والنجم الأحمر
يومها هجرت الكنائس ووديانا أجهلها
رسمت لون السماء معبدا للحيارى
في زمن الخديعة والصمت
رأيت طيور الجنة قبلا للربيع وموطن الشجر
لحروف المساء في زمن الموت والبعث
رأيت طيور الجنة تحمل خنجرا من ورود
يداعب همس الصدى وجهها
ويرسم عيون النسوة في كفها مطرا

***   ***   ***

موت البحر

هذا الإحساس بموت البحر
يجعل طيور النورس تبني أعشاشها في كواكب أخرى
وتسرق القبلة الأخيرة من موجه الحزين
قرب الشاطئ المنزوي خلف الصخر
 تروي له العجوز حكايات الليل الغريبة
وأساطير من أزمنة الموت الرهيبة
لا سيدتي..
أنا إن كنت في بيتي الصغير أسكن أجنحة الريح
فلأني لا أخشى بطش العاصفة
إن كنت أسكن شطآنا في بلاد الصمت
فلأني أعرف أن السماء تعشق لون الصدى
تحارب دعاة الشر وتهدي الأطفال عطرا ونورا
أعرف أن النجوم تصلي عند الفجر صلاة النصر
وأنه لم يكن للشجر في أزمنة الحرب ظلال
 وحدها الأحلام تنسج من لياليها حكايات للأشباح
وحده البحر يلبس طفله الرمادي ثوبا من موج ورياح
لا سيدتي..

***   ***   ***

أرصفة الرماد

الصيف الدافئ يحمل عرائسه إلى أرصفة الرماد
هناك يغتالون الشمس في وضح النهار ويسفكون دماء القمر
الصيف الدافئ يحرق أوراقه المزيفة
عند ساعة الوداع قال لسيدة القوم أنا هنا
في بياض الصخر الملتف حول زرقة الورق
أو في ألوان الحروب والصراع
الليل يودع سواده الحزين
يداعب الألوان برموشه ويهجر الرحم والجنين
أذكر أن سيدة الجبال هجرت عقاقيرها المنهزمة
كسرت بخطاها أرصفة المدينة
وارتمت في حضن الأشجار
أذكر أن سيدة الجبال حملت حروفها الرمادية
إلى غرباء الأرض في الأنهر والآبار
ربما تشرق الشمس ليلا
أو تسطع النجوم في الفجر والنهار
ربما ينهض الجنين من سباته
يهجر الرحم المظلم
ويرسم صمته في الجدار
ربما..
ربما..

***   ***   ***

عيون الغرباء

وحدي في زمن آت أداعب وجه القمر
أرقب وجه الربيع
أسكن الحروف خفية
أرسم الماء دمعا للجدار والشجر
وحدي في زمن آت أصلي للغرباء
طيور الجنة راحلة عن عيوننا
لن يكون الربيع موسما للفرح
حبة القمح
سنابل العمر
وصوت الجدار أنيسا
أنا الكينونة أهديك أوراقا وزرعا
لن يموت الشوق في عيون الغرباء
سأعود يوما لأرسم وجه الطفل بسمة
أناديك سيدتي
أرسم الطريق ذكرى لصدى صوتك
والمدينة موعد للرحيل
والسفر

***   ***   ***

موطن الشجر

اليوم أبحر في سماء التيه الأزلي
أصلي لظل الموج
لريح بعثرت أحرفي في موطن الشجر
اليوم أمزق شراييني
حيث وديان العالم تشرب من دمي
اليوم ألبس العرائس فستان الزفاف الأصفر
أكسر بقايا الموت بالجسد العاري
وأرسم الجرح في رحم الجدار حكاية للشمس
في مغارات الحرب الرمادية عانق الجنين سيد الأساطير
وحكايات من بغداد تزهوا بسحرها
زرع الأنوار في رحم الأرض عرقا
وبعثر أرصفة الحي الحجرية
كان الطفل الرمادي يسمو بظله المحترق إلى وجنة القمر
يجلس فوق فوهة البركان الأزرق
ويرسم نجومه والشجر

***   ***   ***

احتراق

في لحظة يحترق النجم الأحمر
تثور ثائرة البحر وتجف مياه الصحارى
بالأمس كتبت قصائد للعذارى
بكيت على الأطلال
دفنت الصمت وكسرت الجدار
في لحظة يحترق النجم الأحمر
تنهار الأحلام وينتحر الحيارى
كان السجن جنة
وكانوا في عشقهم سكارى
الليل ينادي النهار
والنهار يرفض الليل جارا
في لحظة يحترق النجم الأحمر
يتيه المركب ويفقد الطريق والمنار
بالله عليكم ذلوه عن مكان تعشق فيه الحرية السجن
ويصبح الماء فيه نارا

***   ***   ***

مسافة الألف ميل

مسافة الألف ميل
وجبل الشاطئ يناديني سيد الشجر
أرسم الليالي بياضا في رحم الظلال
وأصلي للغرباء
ذاك جسدي قطعة ورق لانكسار المدى
زمن للصدى
ورحلة الألف  ميل تجر أوراقها خفية
أهديك نارا  ورمادا
أهديك غدا لحكاية الجبل الأزرق
أيها الوطن المسكون بالرمح وصهيل الخيل
هنا مات الغريب جهرا وسرا
هنا كان الحداد فرحا لموج البحر
مسافة الألف ميل
وجبل الشاطئ يناديني سيد الشجر
هو ذا فجري أنشودة وهوى
هو ذا فجري صلاة للنجم الأحمر

***   ***   ***

البيت الرمادي

وأخيرا تنطق سيدة الجبال بحروف الطفل الرمادي
تخوض حروبا أسطورية
تذرف دموعها فوق كتف الجنين
وتخلق من شكوكها مسارات للريح و الظلال
إنها تجول الأرض المقدسة
ومن مقلتيها تهدي الأرض أنهرا ووديانا
في البيت الرمادي
أو في البحيرة المجاورة للقمر
ثار الجنين على ليله
بكت من حوله عرائس الظل في يأس
فهوى النجم الأحمر
في البيت الرمادي
خرج السواد من حبره
أحرق أوراق الحرب السرية
واستسلم للموت
والقدر
هي ذي ألوان الطفل الرمادي المتمرد على ليله
هي ذي أحرف الجنين تنتحر في صمت
خلف الجدار والشجر
هذا المكان محطة لجنود التيه الجنوني
يسافرون في نبيذهم
وينسجون من خيوط الحبر رمادا
هذا المكان يحضن أصوات من دخان
يهدي أشعاره لعرائس الليل الحزينة
ويبعثر أوراق صمته المميت
هذا المكان يحكي لليل أسراره الوردية
ومن حمرة القمر يهدي الجنين قبلة وهمسا
أعرف أن رياح الزمن الآتي ستغرق الشمس في بحرها
وأن الأرض المسكونة بالدوران ستتوقف عن عاداتها
أعرف أن بلادكم الملوثة بنبيذ الروم ستعشق قبل المطر
وأن الأجنة ستبعث يوما تحت  الشجر

***   ***   ***

احتضار الشجر

الأرض تبتلع أشجارها
الرجال حائرون
والأطفال يصلون للقمر
الأرض تبتلع ظلالها الرمادية
سأترك كل الجنائز لموسم الرحيل
سأدفن أسراري في قصائد لم تولد
قد يأتيني نبأ الوافدين من أرض الرمال
ليس عندي سلاح يا أهل الحروب
ليس عندي رياح يا أهل الظلال
الأرض أرضي والظل ظلي
اليوم أطل السواد بصدى السلطان
الأزمنة تخشى انهيار العقارب
الوقت ميت لا محالة
والسماء قد تهجر القمر
بدأنا بالصلاة وأضعنا الشهادة
عشقنا الظلال في احتضار الشجر
اليوم أحكي للسلطان قصص الشام الغريبة
أقتل خوفي في جفن الليل و الصدى
البياض يطل من فوهة بركان عجوز
يحكي حكايات رتيبة
يلوح بنيرانه الباردة ولا يبالي
مرة أخرى يأتيني رسل من الأمير
يحملون الهدايا الملغمة والأحلام
مرة أخرى تصرخ الأجنة في كبد الأرحام
سيدي..
خذ صلاتي قربانا لدماء جفت في كف الجنين
خذ صلاتي قربانا
لأرواح لا تنام

***   ***   ***

أرض النار والرماد

النجم الأحمر خريف للغرباء والطريق
في عيد ميلاد المسيح توقف الكلام
لك الفرحة وأضواء الساهرين
لك الألوان شعرا لموسم الربيع
للعائدين من أرض الرمال
وطفل
سكن الشجر والرياح
شهرزاد رحلة الأمس
شهرزاد رحلة الصدى
نامت نساء العالم خلف ظلها
نامت حوريات
والصوت أنين
وموج
وجراح
زمني ساعة حائط  ونواقيس
شهرزاد حكاية الغد
والحروف الساكنة في رحم الجسد
أيها الطفل في زمن الآخرين
ويا أميرة الجبال
في قصور الروم والنازحين
أتيتكم ذكرى لزمن ولى
لرحلة المدن العتيقة في ليل حزين
أتيتكم ظلا لسيدة الجبال
لشجرة التوت
لحبة القمح
للمغضوب عليهم في أرض الرمال
هذا أنا يا صاحب العشق والأشعار
خذ حروفك وارحل
خذ حروفك مفتاحا لحكاية الغد
لموسم الأفراح
لانبعاث الأشجار
شهرزاد عروس في أرض الرماد
في أرض النار والرماد
من كسر المرايا في صبحها
من أحرق حروفنا
من أطفا نور الأجداد
الطفل الرمادي يحكي الحكاية لغزا وأسطورة
للحكماء في أرض الشجر
الطفل الرمادي صوت ومئذنة و صلاة
لدخان الحبر
لرماد النجم الأحمر

***   ***   ***

العرس الشتوي

كلمات الشمس لأجنة الصدى تولد فجأة
وحين يعانق النجم الأحمر طفله الرمادي
تنهار دموع العشق من مقلة العرائس
لأنهم يسكنون هذا البلد الآمن بصمته
لأنهم يمزقون شموسه كي لا يتبخر بحر الوطن
أو تجف وديانه
لأنهم يعرفون أن السماء هجرت أرضها
وأن أهرام مصر طلقت أبا الهول دون رجعة
لأنهم يسجدون للنبيذ لا للعرق
عبثا أشق الطريق لأحلامك الوردية
للعرس الشتوي أشرع أبواب بيتي الصغير
وحين يطل النجم الأحمر من ذاكرة الموت
أرسم الظلال موسما للصدى
لأرقام السماء المبعثرة فوق جسدي
كلهم يسكنون هذا البلد الآمن
كلهم يرقصون لميلاد الطفل الرمادي
وحين تشرق شمس الشتاء من ديارهم
يرحلون في صمت
يبعثرون أسئلتهم الشجية
ويرقصون للقمر
ذاك موعد العيد والميعاد
ذاك موعد الصدى
ذاك موعد الرماد
والآن سيدة القوم الحزينة
زغردي إن شئت
أو احرقي ألامك الأزلية تحت شجرة التوت القدسية
تضيع منه الكلمات
ولا يجد في محفظته المتعبة إلا أوراقا بيضاء
اتركهم يكتبون التاريخ كما يشاءون
يرفعون الأعلام فوق منصات النصر الكاذبة
يدفنون أمواتا لم يعشقوا الموت
ويرمون بجثث الثائرين في قلب الجحيم
إنهم يحتفلون باكتساح أرض الملائكة
قد يدركون يوما أن الأرض أرض السماء
وأن المسيح يلعن أقدامهم الملوثة كل يوم
قد يدركون يوما أن الشمس تعشق موج الأفق
تقبل طيور النورس المهاجرة
وتهجر الضياء
قد يدركون..
و يدركون..
ويدركون..

***   ***   ***

أساطير الحرب الرمادية

لو تموت الأحرف الثائرة
أو تطفئ النار لهيب الصمت
لكان في بلاد الحيارى جندي يرسم ليله قمرا
يعاكس الضوء المنساب  من مقلة النجوم
ويحكي موته أسطورة للغرباء
لو يأتيني ذلك الظل بألوانه الزاهية
لأهديت الأرض أقواس قزح
وورودا من حدائقي المزهرة
هناك..
في زرقة البحر تنتحر عرائس الليل في صمت
تحضن الأفق بأنينها
وفي الشاطئ الآخر ترسم جسدها نارا ونورا
يا سادة القوم في بلاد الروم والأندلس
هنا نطقت الأرض بأحرف من رماد
كسرت رياح الخريف صوتها
ومن موج البحر ولد القمر
هنا حملت الملائكة أجنحتها السحرية
غطت الجنين بريشها الناعم
وصلت له في خشوع
فبكى النجم الأحمر
يا سادتي..
إن أشرقت الشمس من جبالكم أيام الحرب
فاسكنوا فوهة البركان الأزرق
لكم تهنا في طرق العشق الملتوية
رسمنا همس النخيل أزهارا للريح والبساط الأخضر
لكم بحنا بأسرار البحر لسفن الحرب الليلية
واليوم سيدتي الجميلة
أكتب رسائل العشق بدمع الحمام المهاجر
أسكن ديارا ترعب الوحدة والسكون
وفي أرصفة المدينة أرسم خطوي تيها ويقينا
قد أحمل يوما نجمي الأحمر فوق كتفي
أمشي في دروب الحي هائما كرياح الصدى
قد يبتلع البحر ماءه إن عشق الليل طيور النورس
وحدها أودية الحبر تتحدى جسور الوله
وحدها أساطير الحرب الرمادية
تهدي الجنين أحلاما من أرض الملائكة
لو تموت الأحرف الثائرة
أو تطفئ النار لهيب الصمت
لكان في بلاد الحيارى جندي يرسمه ليله قمرا
يعاكس الضوء المنساب من مقلة النجوم
ويحكي موته أسطورة للغرباء

***   ***   ***

أوراق الخريف

مرة أخرى أجمع أوراق الخريف المتناثرة فوق جسدي
ألامس الرياح القادمة من موطن الجدار
لكن النهر الصامت يهدي انسيابه للطفل الرمادي
يداعب الأشجار الحزينة
ومن خطو الغريب يبني جسورا ونورا
في المكان المعتاد دائما
حمل الجنين أمتعته و أمعاءه
أشعل النيران في الرحم المظلم وصلى للقمر
في المكان المعتاد دائما
زلزلت الأرض بالمطرقة والسندان
في البدء كان الحلم قبل الإنسان
ما ذنبه إن أعلنوا الحرب على القبور الثائرة
ما ذنبه إن هجرت طيور النورس شطآنها
ففي هذه الأرض عرائس تبيع دموعها عطرا
في هذه الأرض فرسان يكسرون سيوفهم قبل الحرب
فلا سلم ولا حرب
هم فرسان من أزمنة يتيمة
أو من حكايات ترسم الظل أنوارا
ما أضيق العالم حين تظهر الحقيقة خلف جدران المرايا
هناك فقط..
يرى الإنسان ملامحه المخادعة
يرق قلبه إن اهتدى
أو يظل أسير التيه
أسير الخطايا
ما أضيق العالم حين يهجر الجنين الرحم
يهد الجبال بخطوه
يطوف الأرض طولا وعرضا
ومن خلف الأفق يعود لأمه
لذكرى الحروب
وللضحايا

***   ***   ***

امرأة من ريح ودخان

بيني وبين الحروف حروب النسوة وأشباح الليالي
أناجي طيفي كي ينبت الصمت بين ضلوعي شجرا
أيتها الأرض القدسية
أيتها الأنثى الترابية
هوائي أنا
أسكن الريح والشجر
أسكن الظل والمطر
كثيرة هي الحكايا حين تحتاج إلى صمت الآلهة
كثيرة هي زغاريد النساء حين يصبح المطر أنشودة للريح
ويصير الموت أغنية
لن تكون القديسة روزا حكاية لهذا المكان
لن تكون القديسة روزا حكاية لهذا الزمان
لم تبدأ الحكاية بعد
وماذا بعد الحكاية
نساء يعشقن الريح
ويناجين طيف الأجنة
أنا الريح
أنا الطيف
أنا الأجنة
جاءتني بابتسامة العشق
والقبل الدامية
لم تكن أميرة للحب
كانت ريحا ودخانا
تحرقها الحروف
حين تنطق الحروف
لم تكن أميرة للهوى
حدثتها عن الموت فقالت هي الموت
كانت شهريار لا شهرزاد
كانت الحلم
والدم
والرماد

***   ***   ***

في البدء..

 في البدء كان الجنين يصلي في السواد
يحرق النجم الأحمر بحروفه
ويبعثر الدخان في وادي الرماد
في البدء..
حكايات من حكايات ألف ليلة إلا ليلة
ليلة الهروب
والحروب
والجهاد
في البدء نطق الوسواس الخناس
الراقص في الأحزان
الحزين في الأعراس
قال
خذ ما شئت سيدي
فأنت سلطاننا
أنت الظل و الشجر
ونحن العبيد
خذ ما شئت واترك لنا صمتك
فأنت الفرح
وأنت العيد
(يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا)
يحرق الأجنة في أرحام الأمهات
ويخلق من الرماد نورا
لا سيدي..
لكم أوطانكم ولي وطني
لكم أسماء الشجر
ولي اسم الغريب
هارب من أشباح الضوء السابحين في بحار من دخان
هارب من أصوات الموج المزيف
يخطو في كل الشوارع والاتجاهات الممنوعة
وفي الكهوف الزرقاء يعانق ظله ونوره
صوته وصمته
وهمه ويقينه
ما اسمك ؟
جرجس
وأنت؟
ستيفريوس
وأنت؟
يوحنا
وأنت؟
برسوم
فلا تخافوهم وخافوا ربكم
رب العالمين
احذروا همس الصدى
احذروا عطر الكمين
(الله لا إله إلا هو الحي القيوم)
ينطقها الجنين في الرحم
فتشرق الشمس وتزول الغيوم
في البدء كانت الحكاية حلما للجنين
أسكنوه أودية الصمت
فاختلط عليه الشك باليقين
في البدء..
حكايات من حكايات ألف حلم إلا حلما
حلم الطفولة
والبطولة
والشياطين
في البدء..

***   ***   ***